اللوبي الصهيوني في بريطانية –الجزء الاول-

اللوبي الصهيوني في بريطانية –الجزء الاول-

  • اللوبي الصهيوني في بريطانية –الجزء الاول-

اخرى قبل 3 سنة

اللوبي الصهيوني في بريطانية –الجزء الاول-

د.سالم سريه :أكاديمي وكاتب(فلسطين)

 يتساءل المواطن العربي :لماذا شاركت بريطانيا حصرا بقيادة توني بلير في غزو العراق وتدميره  بينما لم تشارك المانيا او اليابان مثلا ؟ولماذا شرًعت بريطانيا قانونا يعتبر اي نقد يوجه لحكومة اسرائيل نوع من اللاسامية يعاقب عليه القانون؟ ومن اجهض مذكرات  الاعتقال والمحاكمة لرموز العدو باعتبارهم مجرمي اذا مروا بالمملكة المتحدة ؟  والاجابة على هذه التساؤلات وغيرها تستدعي معرفةجذور اللوبي الصهيوني وآلية عملة وتأثيره على صناع القرار في بريطانية.

  ومما يثير الدهشة حقا ان هذا اللوبي قد ظل عقودًا طويلةً من الزمن لغزًا لا يعلم كنهَه أو ماهيته إلا العاملون في خباياه وعلى خلاف اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية والذي كشفت دراسات كثيرة،(كُتبت بالإنكليزية والعربية ولغات أخرى،)   أسراره وآليات عمله وطبيعة منظماته. بينما بقي  اللوبي الصهيوني في بريطانيا عالمًا مجهولًا، وصندوقًا مغلقًا لم يتجرأ أحد على سبر أغواره، كما خلت المكتبة العربية  (والاجنبية) من أيّ مرجع أو بحث يتطرق اليه.اللهم الا الكتاب الوحيد والمهم للدكتور نواف التميمي واربعة اجزاء للفيلم الوثائقي الذي انتجته قناة الجزيرة .  

 اولا : ألنفوذ الصهيوني في الاحزاب الرئيسية في بريطانية:

 عملت المنظمات الصهيونية، منذ وقت مبكر، على التغلغل في الأوساط السياسية البريطانية لتشكيل جماعات ضغط، مهمتها الرئيسة الحفاظ على زخم الدعم البريطاني، الرسمي والشعبي والإعلام لإسرائيل وسياساتها في كلّ الأزمان، وفي مختلف الأوضاع . ويعتبر بعض الباحثين أن البدايات الأولى لِتشكل منظمات محلّية للوبي الصهيوني في بريطانيا تعود إلى منتصف السبعينيات من القرن الماضي، عندما اتحدت"الفدرالية الصهيونية" و"المجلس اليهودي البريطاني"، وأسّسَا أوّل منظمة علاقات عامة بريطانية داعمة لإسرائيل، عُرفت باسم "اللجنة البريطانية " الإسرائيلية للشؤون العامة.BIPC "(1)

1- مجموعة أصدقاء اسرئيل في حزب المحافظين  :

  تأسست مجموعة"أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين في عام 1974 من قبل النائب المحافظ، مايكال فيدلير والتي برزت منذ ذلك الحين كجماعة ضغط مساندةلإسرائيل بقوة. ويستعرض موقع «أصدقاء إسرائيل المحافظون» على صفحته الرئيسية اقتباسات من ثلاثة مسؤولين بريطانيين بارزين، هم: تيريزا ماي، وفيليب هاموند، وبريتي باتيل. وقالت الأخيرة وفق الموقع: (أصبحت صديقة لإسرائيل قبل أن أصبح عضوة في البرلمان. ونقدّر العمل الذي تقومون به على مستوى المجتمع والبرلمان كذلك.  كما نقدّر  الدعم الذي تقدّمونه لحزبنا) وبلغ إجمالي ما قدمته جمعية «أصدقاء إسرائيل» لحزب المحافظين، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز» 377,994 جنيهً إسترليني منذ عام 2004، أغلبها في صورة رحلات مدفوعة الأجر بالكامل لأعضاء البرلمان البريطاني إلى إسرائيل. كما قدّم مديرو اللوبي تبرعات مادية لحزب المحافظين بشكل مباشر، منها تبرعات مباشرة لأعضاء في البرلمان، بينهم وزير البيئة مايكل غوف، والوزير السابق في وزارة التعليم روبرت هالفون، وفق الصحيفة نفسها. كما بلغ إجمالي المبلغ الذي قدّمته هيلدا ورث، نائبة رئيس الجمعية، 176,150 جنيه إسترليني منذ عام 2004، بينما بلغت تبرعات ستيفين ماسي، أمين صندوق اللوبي، 119,050 جنيه إسترليني).(2 ) وتضم مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين حاليّاً 80%  من نواب كتلة حزب المحافظين البرلمانية، بمن فيهم وزراء في الحكومة، إضافة إلى أكثر من2000 عضو من الأنصار والداعمين. وبرأي ديفيد ديوك:    أصبحت مجموعة )أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين( أقوى جماعة ضغط في المجال السياسي البريطاني، وبات لها نفوذا على السياسات بشكل غير مسبوق . وكتب المؤرّخِ  والسياسي روبرت روديس جايمس  في صحيفة  جيروساليم بوست مقالاً في عام 1995 وصف  مجموعةأصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين  بالقول :(إنها أكبر منظمة في غرب أوروبا تتفانى لأجل شعب إسرائيل . ويبدو أن قوتها لم تتراجع منذ ذلك التاريخ إلى درجة أن رئيس الوزراءالسابق، ديفيد كاميرون  عبَّر ساخرا عن توسع الحضور اليهودي في حزب المحافظين، بالقول" هناك الكثير من اليهود في المواقع العليامن حزب المحاقظين لذلك  ينبغي أن نسمِّيه حزب  التوراة بدلاً من حزب المحافظين ، بل إن كاميرون نفسه عبَّر، في أكثر من مقال ومقام، عن اعتزازه بصهيونيته .وقال صراحة في تجمع للمتبرعين اليهود في لندن: "(لا يوجد أي تناقض بين كوني يهوديّاً فخورًا، وصهيونيّاً  ملتزمً ومواطناً  بريطانيّاً  مخلصًا .أنا لست فخورا لأنني أنتمي إلى حزب المحافظبن وحسب، بل لأنني صديقا لإسرائيل،وفخوربالدور المحوري الذي تلعبه مجموعة أصدقاء إسرائيل في الحزب .إسرائيل ديمقراطية،وديمقراطية قوية، ومدعاة للفخر في منطقة  نتمنى أن تسير في الاتجاه نفسه).

2- مجموعة اصدقاء اسرائيل في حزب العمال:

تاسست مجموعة "أصدقاء إسرائيل في حزب العمال في عام 1957 خلال اجتماع حاشد على هامش المؤتمر العام لحزب العمال وتصف المجموعة نفسها بأنها( مجموعة ضغط تعمل داخل حزب العمال البريطاني لدعم دولة إسرائيل). لقد كان حزب العمال لسنوات مضت من أكثر الأحزاب السياسية البريطانية تعاطفا  مع الفلسطينيين، لكن هذا الموقف لم يستمر بالزخم ذاته مع تولِّي توني بلير قيادةالحزب في عام 1994 وانطلاق تياره الذي  اسماه حزب العمال الجديد .لقد كان أول شيء فعله توني بلير، عندما انضم إلى حزب العمال في عام1983، هو الانضمام إلى مجموعة أصدقاء إسرائيل في الحزب ولكن الأهم حصل عندما وصل إلى قيادة الحزب وأخذ يبحث عن مصادر تمويل تُحرره من ضغط النقابات، التي كانت تقدم الدعم المالي للحزب وقد وجد بلير في المنظمات الصهيونية سندًا وداعمًا، وكان اليهودي، مايكل ليفي، المشهور بنشاطه في جمع التبرعات لدعم (إسرائيل)، الرجل الذي اعتمد عليه بلير. وبالفعل تولَّى ليفي إدارة مكتب جمع التبرعات لحملة توني بلير الانتخابية في عام1997   . ومنذ ذلك التاريخ، أخذ نفوذ اللوبي الصهيوني في حزب العمال يتعزَّز. وقد تُر جم  ذلك في إعلا ن ترويجي لحملة انتخابات حزب العمال، نُشر في صحيفة "جويش كرونيكل" جاء فيه: "منذ عام 1997 وصل عدد نواب الحزب الذين زاروا إسرائيل 57 نائبًا، وهو رقم قياسي ويتجاوز عددالزيارات التي قام بها نواب أي حزب آخر ويصف جون مانديلسون  عضو مجموعة أصدقاءإسرائيل في الحزب هذا التغير بالقول"لقد أخذ توني بلير بمهاجماة المعادين لإسرائيل في الحزب ، ووصف سياسة حزب العمال القديم بسياسة رعاة البقروالهنود، وأخذ بالتركيز على الشخصيات الضعيفة لدعمه، ثم ما لبثت  الصهيونيةأن تغلغلت في أوساط حزب العمال الجديد، وبات من الطبيعي أن يحضر بلير اجتماعات مجموعة أصدقاء إسرائيل في الحزب.   

مجموعة اصدقاء اسرائيل في الحزب الليبرالي الديمقراطي

تدِّعي مجموعة "أصدقاء إسرائيل في الحزب الليبرالي الديمقراطي" أنها سبقت من حيث تاريخ التأسيس، نظيرتيها في  حزبي المحافظين والعمال. وتُحددالمجموعة هدفها في "تحقيق أقصى قدر من الدعم لدولة إسرائيل داخل حزب الأحرار الديمقراطيين والبرلمان. و يقول الحزب الليبراالي  الديمقراطي : إن مجموعة أصدقاء إسرائيل وُجدت في الحزب لدعم وتعزيز السياسات، التي تُؤدِّي إلى السلام والأمن لإسرائيل في سياق تسوية سلمية شاملة ودائمة في الشرق الأوسط.ويضيف الحزب : نحن ملتزمون بقوة بحل الدولتين : دولة إسرائيل، التي تعايش في حدود آمنة، خالية من تهديد الإرهاب ، جنبًا  إلى جنب مع دولة فلسطينيةمستقلة... ونعمل على تشجيع الفهم الصحيح لوضع إسرائيل على اعتبار أنه فريد من نوعه، وبوصفها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط. وتعمل مجموعة أصدقاء إسرائيل في الحزب الليبرالي الديمقراطي على:تقديم إحاطات منتظمة من الأخبار السياسية والدبلوماسية والاقتصاديةعن إسرائيل لقيادات الحزب وأعضائه وترتيب زيارات لنواب الحزب إلى إسرائيل، حتى يتمكَّنوا من رؤية وسماع القضايا التي تواجه إسرائيل .وعن مدى نفوذ اللوبي الاسرائيلي داخل الحزب   قال عضو البرلمان البريطاني السابقة عن حزب الأحرار الديمقراطي، البارونة هايني توناغ  عام 2006 لقد أصبح اللوبي الموالي لإسرائيل يسيطر على العالم الغربي  بالسطوة المالية، وأعتقد أنهم ربما أحكموا القبضة على حزبنا وفي عام 2012 تم فصل البارونة تونغ من الحزب ، بعد عاصفة من الاحتجاجات من أعضاء مجموعة أصدقاء إسرائيل فيه، وضغط من المنظمات الصهيونية، بسبب تصريحات قالت فيها : إن "إسرائيل لن تبقى إلى الأبد... وسوف تفقد الدعم وتحصد ما زرعته"، ورفضت الاعتذار عنها. (3و4)

الهوامش

1 -د.نواف التميمي كتاب اللوبي الصهيوني والرأي العام في بريطانيا النفوذ والتأثير            

https://www.noor-book.com  

  https://aawsat.com/home/article  -2

 اللورد بولاك واللوبي الإسرائيلي في بريطانيا

السبت - 29 صفر 1439 هـ - 18 نوفمبر 2017 مـ رقم العدد [ 14235]

 3 The Influence of Israel on Britain-

بريان كلاولي – (كاونتربنتش) 24/11/2017

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

4-نواف التميمي مصدر سابق

*يمكن متابعة البرنامج الوثائقي لقناة الجزيرة على اليوتيوب لمزيد من المعلومات

 

 

التعليقات على خبر: اللوبي الصهيوني في بريطانية –الجزء الاول-

حمل التطبيق الأن